فصل: ثم دخلت سنة سبع عشرة ومائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **


 ثم دخلت سنة سبع عشرة ومائة فمن الحوادث فيها‏:‏

غزوة ابن هشام الصائفة اليسرى وسليمان بن هشام الصائفة اليمني من نحو الجزيرة وفرق

سراياه في أرض الروم‏.‏

وفيها‏:‏ بعث مروان بن محمد بن وهو على أرمينية بعثين فافتتح أحدهما حصونًا ثلاثة وصولح

الأخر‏.‏

وفيها‏:‏ عزل هشام بن عبد الملك عاصم بن عبد الله عن خراسان وضمها على خالد بن عبد

الله فولاها أخاه أسد بن عبد الله وقال المدائني‏:‏ كان هذا في سنة ست عشرة‏.‏

وكان السبب‏:‏ أن عاصمًا كتب على هشام‏:‏ أما بعد يا أمير المؤمنين فإن الرائد لا يكذبأهله وقد كان من أمر أمير المؤمنين إلي ما تحقق به علي نصيحته وإن خراسان لا تصلح إلا أن تضم إلى صاحب العراق فيكون موادها ومعونتها في الأحداث والنوائب من قرب لتباعد أمير المؤمنين عنها فولى أسد بن عبد الله فقدم فحبس عاصمًا وأخذه بمائة ألف ووجه عبد

الرحمن بن نعيم العامري في أهل الكوفة وأهل الشام في طلب الحارث بن شريح وسار أسد إلى آمد فحاصرهم ونصب المجانيق عليهم‏.‏وفيها‏:‏ أخذ أسد بن عبد الله جماعة من دعاة بني العباس فقتل بعضهم ومثل ببعضهم وحبس بعضهم وكان فيهم موسى بن كعب فأمر به فألجم بلجام حمار ثم جذب اللجام فتحطمت أسنانه ثم دق أنفه ووجئ لحياه وكان فيهم لا هز بن قريظ فضربه ثلاثمائة سوط ثم خلى سبيلهم‏.‏

وفيها‏:‏ حج بالناس خالد بن عبد الملك وكان العامل فيها على المدينة وعلى مكة وعلى

الطائف‏:‏ محمد بن هشام بن إسماعيل‏.‏ وعلى العراق والمشرق‏:‏ خالد بن عبد الله القسري

وعلى أرمينية وأذربيجان‏:‏ مروان بن محمد بن مروان بن الحكم‏. ‏ ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

كان عند أهل الشام كالحسن عند أهل البصرة

وأسند عن ابن عمر وجابر في آخرين‏.‏

عن الأوزاعي قال‏:‏ سمعت بلال بن سعيد يقول‏:‏ لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت‏.‏

سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب‏:‏ واسمها‏:‏ آمنة وقيل‏:‏ أميمة‏.‏ وسكينة لقب عرفت به وأمها أم الرباب بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس الكلبي كان نصرانيًا فجاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأسلم فدعا له برمح فعقد له على من أسلم بالشام من قضاعة فتولى قبل أن يصلي صلاة وما أمسى المساء حتى خطب إليه الحسين بن علي ابنته الرباب فزوجه إياها فأولد عبد الله وسكينة وكان الحسين عليه السلام يقول‏:‏لعمرك إنني لأحب دارًا **تكون بها سكينة والرباب

أحبهما وأبذل جل مالي **وليس بعاتب عندي عتاب

ولست لهم وإن عابوا مطيعًا ** حياتي أو بغيبتي الركاب

وكانت سكينة من الجمال والأدب والفصاحة بمنزلة عظيمة كان منزلها مألف الأدباء والشعراء

وتزوجت عبد الله بن الحسن بن علي فقتل بالطائف قبل أن يدخل بها ثم تزوجها مصعب بنالزبير ومهرها ألف ألف درهم وحملها إليه أخوها علي بن الحسي فأعطاه أربعين ألف دينار

فولدت له الرباب فكانت تلبسها اللؤلؤ وتقول‏:‏ ما ألبسها إياه إلا لتفضحه وخطبها عبد الملك

بن مروان فقالت أمها‏:‏ لا والله لا تتزوجه أبدًا وقد قتل ابن أخي مصعبًا فتزوجها الأصبغ بن

عبد العزيز بن مروان وكان يتولى مصر فنفس بها عليه عبد الملك وكتب إليه‏:‏ اختر مصر أوسكينة‏.‏ فطلقها قبل أن يدخل بها ومتعها بعشرين ألف دينار وخلف عليها بعد مصعب‏:‏

عبد الله بن عثمان بن ابن عبد الله بن الحكم فولدت له حكيمًا وعثمان وزبيحة وكانت

عنده قبلها فاطمة بنت عبد الله بن الزبير فلما خطب سكينة أحلفته بطلاقها ألا يؤثر عليها

فاطمة‏.‏ ثم اتهمته أن يكون آثرها فاستعدت عليه هشام بن إسماعيل والي المدينة فاستحلفه ثم

أمر برد سكينة عليه فبعث إليها‏:‏ أمرك الآن بيدك‏.‏ فبعثت إليه‏:‏ إنا ما ظننا أنا قد هنا عليكهذا الهوان إنما يلجلج في نفسي شيء وخفت المأثم فأما إذ برئت من ذلك فما أوثر عليكشيئًا‏.‏

ثم خلف على سكينة زيد بن عمر بن عثمان ثم خلف عليها إبراهيم بن عبد الرحمن بن

عوف وكانت وليه نفسها فلم تنفذ نكاحه‏.‏

وروى علي بن الحسين الأصبهاني أن المدائني قال‏:‏ حدَّثني أبو يعقوب الثقفي عن الشعبي‏:‏

أن القرزدق خرج حاجًا فلما قضى حجه عدل إلى المدينة فدخل إلى سكينة بنت الحسين

فسلم فقالت‏:‏ يا فرزدق من أشعر الناس قال‏:‏ أنا قالت‏:‏ كذبت أشعر منك الذي يقول‏:‏

بنفسي من تجنبه عزيز عليّ ومن زيارته لمام ومن أمسي وأصبح لا أراه ويطرقني إذا هجع النيام فقال‏:‏ والله لو أذنت لي لأسمعنك أحسن منه‏.‏ قالت‏:‏ أقيموه‏.‏ فأخرج ثم عاد إليها من الغد

فدخل عليها فقالت‏:‏ يا فرزدق من أشعر الناس قال‏:‏ أنا قالت‏:‏ كذبت صاحبك جريراشعر منك حيث يقول‏:‏

لو لا الحياء لهاجني استعبار ** ولزرت قبرك والحبيب يزار

كانت إذا هجر الضجيع فراشها ** كتم الحديث وعفت الأسرار

لا يلبث القرناء أن يتفرقوا ليل يكر عليهم ونهارفقال‏:‏ والله إن أذنت لي أسمعتك أحسن منه فأمرت به فأخرج ثم عاد إليها في اليوم الثالث وحولها مولدات لها كأنهن التماثيل فنظر الفرزدق إلى واحدة منهن فأعجب بها وبهت ينظر إليها فقالت له سكينة‏:‏ يا فرزدق من أشعر الناس قال‏:‏ أنا قالت‏:‏ كذبت وصاحبك جرير‏:‏

إن العيون التي في طرفها **مرض قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللب حتى لا حراك ** به وهن أضعف خلق الله أركانا

أتبعتم مقلة إنسانها غرق هل ** ما ترى تارك للعين إنسانا

فقال‏:‏ والله لئن تركتني لأسمعنك أحسن منه‏.‏ فأمرت بإخراجه فالتفت إليها وقال‏:‏ يا بنت

رسول الله إن لي عليك حقًا عظيمًا صرت من مكة إرادة التسليم عليك فكان جزائي من

ذلك تكذيبي وطردي وتفضيل جرير عليّ ومنعك إياي أن أنشدك شيئًا من شعري وبي ما قد

عيل صبري وهذه المنايا تغدو وتروح ولعلي لا أفارق المدينة حتى أموت فإذا مت فمري بي

أن أدرج في كفني وأدفن في حر هذه الجارية - يعني التي أعجبته - فضكحت سكينة وأمرت له بالجارية‏.‏ فحرج بها وأمرت بالجواري فدفعن في أقفيتهما ونادته‏:‏ يا فرزدق احتفظ بهاوأحسن صحبتها فإني آثرتك بها على نفسي‏.‏قال علي بن الحسين‏:‏ وأخبرني أين أبي الأزهر قال‏:‏ حدَّثنا حماد بن إسحاق عن أبيه عن

محمد بن سلام قال‏:‏ اجتمع في ضيافة سكينة بنت الحسين‏:‏ جرير والفرزدق وكثير وجميل

ونصيب فمكثوا أيامًا ثم أذنت لهم فدخلوا عليها فقعدت حيث تراهم ولا يرونها وتسمع

كلامهم ثم أخرجت وصيفة لها وضيّة قد روت الأشعار والأحاديث فقالت‏:‏ أيكم الفرزدقهما دلتاني من ثمانين قامة كما ** أنقض باز أقتم الريش كاسرهفلما استوت رجلاي في الأرض ** قالتا أحي فيرجى أم قتيل نحاذره

قال‏:‏ نعم قالت‏:‏ عما دعاك إلى إفشاء سرها وسرك هلا سترتها وسترت نفسك خذ هذه

الألف والحق بأهلك ثم دخلت على مولاتها وخرجت فقالت‏:‏ أيكم جرير فقال‏:‏ ها أنا ذا‏.‏فقالت‏:‏ أنت القائل‏:‏

طرقتك صائدة القلوب وليس ذا ** حين الزيارة فارجعي بسلام

قال‏:‏ نعم قالت‏:‏ فهلا رحبت بها خذ هذه الألف وانصرف‏.‏ ثم دخلت وخرجت فقالت‏:‏

أفيكم كثير قال‏:‏ ها أنا ذا‏.‏ قالت‏:‏ أنت القائل‏:‏فأعجبني منك يا عز خلائق ** كرام إذا عد الخلائق أربعدنوك حتى يطمع الطالب الصبا ** ورفعك أسباب الهوى حين يطمع

فو الله ما يدري لريم مماطل ** أينساك إذ باعدت أم يتضرعقال‏:‏ نعم قالت‏:‏ ملحت وشكلت خذ هذه الألف والحق بأهلك‏.‏ ثم دخلت وخرجت فقالت‏:‏ أيكم نصيب قال‏:‏ ها أنا ذا‏.‏ قالت‏:‏ أنت القائل‏:‏

ولو لا أن يقول صبا نصيب ** لقلت بنفسي النساء الصغار قال‏:‏ نعم‏.‏ قالت‏:‏ رثيتنا صغارًا ومدحتنا كبارا فخذ هذه الأربعة آلاف درهم والحق بأهلك‏.‏ ثم دخلت وخرجت فقالت‏:‏ يا جميل مولاتي تقرئك السلام وتقول‏:‏ والله مازلت مشتاقة لرؤيتك منذ سمعت قولك‏:‏ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ** بوادي القرى إني إذا لسعيد

لكل حديث بينهن بشاشة ** وكل قتيل بينهن شهيد

جعلت حديثنا بشاشة وقتلانا شهداء فخذ هذه ألف دينار والحق بأهلك‏.‏

وعن حماد عن أبيه عن أبي عبيد الله الزبيري قال‏:‏ اجتمع راوية جرير وراوية كثير وراوية جميل وراوية الأحوص وراوية نصيب فافتخر كلواحد منهم بصاحبه وقال‏:‏ صاحبي أشعر فحكموا سكينة بنت الحسين لما يعرفون من عقلها وبصرها بالشعر فاستأذنوا عليها فأذنت فذكر لها الذي كان من أمرهم فقالت لراوية‏:‏ أليس صاحبك يقول‏:‏

طرقتك صائدة القلوب وليس ذا ** حين الزيارة فارجعي بسلام

فأي ساعة أحلى الزيارة من الطروق قبح الله صاحبك وقبح شعره ألا قال فادخلي بسلامثم قالت لراوية كثير‏:‏ أليس صاحبك الذي يقول‏:‏ وليس بعينيها أقر من النكاح أفيحب صاحبك أن ينكح قبح الله صاحبك وقبح شعره‏.‏ثم قالت لراوية جميل‏:‏ أليس صاحبك الذي يقول‏:‏

فلو تركت عقلي معي ما طلبتها ** ولكن طلابيها لما فات من عقلي

عما أرى صاحبك هوي إنما يطلب عقله قبح الله صاحبك وقبح شعره‏.‏ثم قالت لراوية نصيب أليس صاحبك الذي يقول‏:‏

أهيم بدعد ما حييت فإن أمت ** فوا حزني من يهيم بها بعدي

فما أرى له همة إلا من يتعشقها بعده قبحه الله وقبح شعره ألا قال‏:‏

أهيم بدعد ما حييت فإن أمت **فلا صلحت دعد لذي حيلة بعدي ثم قالت لراوية الأحوص‏:‏ أليس صاحبك الذي يقول‏:‏من عاشقين تواعدا وتراسلا ** حتى إذا نجم الثريا حلقا

باتا بأنعم ليلة وألذها حتى ** إذا وضح الصباح تفرقا

قال‏:‏ نعم قالت‏:‏ قبحه الله وقبح شعره ألا قال‏:‏ تعانقا‏.‏

فلم تثن على أحد يومئذ ولم تقدمه‏.‏

وفي رواية أخرى‏:‏ قالت لراوية جميل‏:‏ أليس صاحبك الذي يقول‏:‏

قال‏:‏ نعم قالت‏:‏ رحم الله صاحبك فإنه كان صادقًا في شعره وكان كاسمه فحكمت له‏.‏توفيت سكينة بمكة يوم الخميس لخمس خلون من ربيع الأول من هذه السنة وصلى عليها

شيبة بن نصاح المقرئ‏.‏

عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة

بن عبد الله بن جدعان التيمي

من تيم قريش واسم أبي مليكة زهير‏.‏ وكان ابن جدعان أحد الأجواد وكان ماله عظيمًا

وكانت له جفنة مباحة فلما أسن حجر عليها رهطه فإذا أعطى رجعوا على المعطي فأخذوه

منه فكان إذا جاءه سائل قال له‏:‏ كن مني قريبًا حتى ألطمك ولا ترضى مني إلا أن تلطمني أوتفدي بلطمتك بفداء رغيب‏.‏ فلما أعلم أهله بذلك خلوا بينه وبين ماله‏.‏

وكان ابن جدعان يقول‏:‏

إني وإن لم ينل مالي مدى خلقي ** وهاب ما ملكت كفاي من مال

لا أحبس المال إلا حيث أتلفه ** ولا يغيرني حال على حال

وكان ابن أبي مليكة فقيهًا رأى ثلاثين صحابيًا وتوفي في هذه السنة‏.‏

عبدة بن أبي لبابة أبو القاسم‏:‏عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي

عن علي ابن أبي جميلة قال‏:‏ قال عبد الله بن أبي زكريا‏:‏ عالجت الصمت عما لا يعنيني عشرين سنة قبل أن أقدر منه على ما أريد‏.‏ قال‏:‏ وكان لا يدع أحدًا يغتاب في مجلسه أحدًا يقول‏:‏ إن ذكرتم الله أعناكم وإن ذكرتم الناس تركناكم‏.‏

أسند عبد الله عن عبادة وأبي الدرداء وتوفي في هذه السنة علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أبو محمد أمه زرعة بنت مسرح ولد ليلة قتل علي بن أبي طالب عليه السلام في رمضان سنة أربعين فسمي باسمه وكني بكنيته فقال له عبد الملك بن مروان‏:‏ لا أحتمل بك الاسم والكنية‏.‏ فغير كنيته فكني أبا محمد‏.‏وكان أجمل قرشي على وجه الأرض وأكثر صلاة كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة وكان يصبغ بالسواد‏.‏

أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال‏:‏ أخبرنا حمد بن أحمد قال‏:‏ أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله

قال‏:‏ حدَّثنا أحمد بن محمد بن الفضل قال‏:‏ حدَّثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال‏:‏ حدَّثني محمد

بن زكريا قال‏:‏ حدَّثنا محمد بن عبد الرحمن التيمي قال‏:‏ حدَّثني أبي عن هشام بن سليمانأن علي بن عبد الله العباس كان إذا قدم مكة حاجًا أو معتمرًا عطلت قريش مجالسها في

البيت الحرام وهجرت مواضع حلقها ولزمت مجلس علي بن عبد الله إعظامًا وإجلالًاوتبجيلًا فإن قعد قعدوا وإن نهض نهضوا وإن مشى مشوا جميعًا حوله وكان لا يرى لقريشيفي المسجد الحرام مجلس ذكر يجتمع فيه حتى يخرج علي بن عبد الله من الحرم‏.‏

توفي علي بالشام في هذه السنة‏.‏ وقيل‏:‏ في سنة ثماني عشرة‏.‏

علي بن رباح بن قصير أبو عبد الله اللخمي‏:‏ ولد سنة خمس عشرة عام اليرموك وكان أعور ذهبت عينه يوم ذات الصواري في البحر مع عبد الله بن أبي سرح سنة أربع وثلاثين وكان يفد لليمانية من أهل مصر على عبد الملك بن مروان وكانت له منزلة من عبد العزيز بن مروان وهو الذي زف أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان إلى الوليد بن عبد الملك ثم عتب عليه عبد العزيز فأغزاه إفريقية فلم يزل بها حتى توفي هذه السنة‏.‏ وقيل سنة أربع وعشرة ومائة‏.‏عمران بن ملحان أبو رجاء العطاردي‏:‏ تميمي مخضرم ولد قبل الهجرة بإحدى عشر سنة توفي في هذه السنة وقد بلغ مائة وثماني وعشرين سنة‏.‏ابن أبي طالب رضي الله عنهم أمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله تزوجها الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب فولدت له عبد الله ثم مات عنها زوجها فتزوجها عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان‏.‏

أنبأنا الحسين بن محمد بن عبد الوهاب قال‏:‏ أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال‏:‏ أبو طاهر المخلص قال‏:‏ حدَّثنا أحمد بن سليمان الطوسي قال‏:‏ حدَّثنا الزبير بن بكار قال‏:‏ كان الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قد خطب إلى عمه الحسين بن علي فقال له الحسين‏:‏ يا ابن أخي قد انتظرت منك هذا فانطلق معي‏.‏ فخرج حتى أدخله منزله ثم أخرج إليه بنيتيه‏:‏ فاطمة وسكينة فقال‏:‏ اختر فاختار فاطمة فزوجه إياها وكان يقال‏:‏ إن أمر سكينة مردود إليها وإنها لمنقطعة ولما حضرت الحسن بن الحسن الوفاة قال لفاطمة‏:‏ إنك امرأة مرغوب فيك وكأني بعبد الله بن عمرو بن عثمان إذا خرج بجنازي قد جاء على فرسه مرجلًا جمته لابسًا حلته يسير في جنب الناس يتعرض لك فأنكحي من شئت سواه فإني لا أدع من الدنيا روائي همًّا غيرك فقالت له‏:‏ أنت آمن من ذلك وأثلجته بالأيمان من العتق والصدقة أن لا تتزوجه‏.‏ ومات الحسن وخرج بجنازته فوافاها عبد الله بن عمرو بن عثمان في الحال التي وصف الحسن وكان يقال لعبد الله بن عمرو بن عثمان‏:‏ المطرف - من حسنه - فنظر إلى فاطمة حاسرة تضرب وجهها فأرسل إليها إن لنا في وجهك حاجة فأرفقي به فاسترخت يداها وعرف ذلك فيها وخمرت وجهها فلما حلت أرسل من يخطبها فقالت‏:‏ كيف بيميني التي حلفت بها فأرسل إليها‏:‏ لك بكل مملوك مملوكان وعن كل شيء شيئان فعوضها عن يمنيها فنكحته وولدت له محمدًا والقاسم ورقية‏.‏وكان عبد الله بن الحسن يقول‏:‏ ما أبغضت بغض عبد الله بن عمرو أحدًا ولا أحببت حب

ابنه محمد أحدًا‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا محمد بنالحسين بن القطان قال‏:‏ أخبرنا محمد بن الحسن النقاش‏:‏ أن الحسن بن سفيان أخبرهم قال‏:‏ حدَّثنا إبراهيم بن المنذر قال‏:‏ أخبرنا محمد بن معن الغفاري قال‏:‏ حدَّثني محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان قال‏:‏ جمعتنا أمنا فاطمة بنت الحسين بن علي فقالت‏:‏ يا بني والله ما نال أحد من أهل السفه بسفههم شيئًا ولا أدركوه من لذاتهم إلا وقد نالوه أهل المروءات بمروآتهم فاستتروا بجميل ستر الله‏.‏

قتادة بن دعامة أبو الخطاب السدوسي‏:‏ أسند عن أنس بن مالك وعبد الله بن سرخس وحنظلة الكاتب وأبي الطفيل‏.‏ وكان يرسل الحديث عن الشعبي ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي قلابة ولم يسمع منهم‏.‏

وسأل سعيد بن المسيب وأكثر فقال له‏:‏ أكل ما سألتني عنه تحفظه قال‏:‏ نعم سألتك عن

كذا فقلت كذا وعن كذا فقلت كذا قال سعيد‏:‏ ما ظننت أن الله خلق مثلك‏.‏وكان يقول‏:‏ ما سمعت أذناي شيئًا إلا وعاه قلبي‏.‏

وروى شهاب بن خراش عن قتادة قال‏:‏ باب من العلم يحفظه الرجل يطلب به صلاح نفسه

وصلاح الناس أفضل من عبادة حول كامل‏.‏

ميمون بن مهران أبو أيوب

مولى بني النضر بن معاوية

كان مكاتبًا لهم وأدى كتابته وعتق وكان بزازًا وتشاغل بالعلم وسأل ابن المسيب عن دقائق

العلوم استعمله عمر بن عبد العزيز على خراج الجزيرة ومولده سنة أربعين توفي في هذه السنة‏.‏وأسند عن ابن عمر وابن عباس وغيرهما‏.‏ وكان ثقة أخبرنا علي بن محمد بن حسون بإسناده له عن عيسى بن كثير الأسدي قال‏:‏ مشيت مع ميمون بن مهران حتى إذا أتى باب داره ومعه ابنه عمرو فلما أردت أن أنصرف موسى بن وردان مولى عبد الله بن أبي سرح العامري يكنى أبا عمر سمع من سعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وغيرهم من الصحابة‏.‏ روى عنه الليث بن سعد وغيره وكان يقص بمصر‏.‏ توفي في هذه السنة‏.‏

نافع مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب أبو عبد الله‏:‏ أصابه عبد الله في غزاته‏.‏ وقد روى عنه وعن أبي هريرة والربيع بنت مسعود وغيرهم وكان ثقة وبعثه عمر بن عبد العزيز إلى مصر يعلمهم السنن‏.‏ توفي هذه السنة‏.‏

أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان أخت عمر رضي الله عنه‏:‏ كانت من الأجواد الكرماء وكانت تقول‏:‏ لكل قوم نهمة في شيء ونهمتي في العطاء‏.‏

وكانت تعتق في كل جمعة رقبة وتحمل على فرس في سبيل الله عز وجل‏.‏

أخبرنا المحمدان ابن ناصر وابن عبد الباقي قالا‏:‏ أخبرنا جعفر بن أحمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن

علي التوزي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله الدقاق قال‏:‏ أخبرنا أبو علي بن صفوان قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر القرشي قال‏:‏ حدَّثنا الحسن بن علي بن عبد العزيز الجزري عن ضمرة بن أف للبخل لو كان قميصًا ما لبسته ولو كان طريقًا ما سلكته‏.‏قال القريشي‏:‏ وحدثني محمد بن الحسن قال‏:‏ حدَّثني مروان بن محمد بن عبد الملك قال‏:‏ دخلت عزة على أم البنين فقالت لها ما يقول كثير‏:‏

قضى كل ذي دين علمت غريمه ** وعزة ممطول معنى غريمهاما كان هذا الدين يا عزة فاستحيت فقالت‏:‏ عليّ ذاك‏.‏ قالت‏:‏ كنت وعدته قبلة فخرجتمنها فقالت أم البنين‏:‏ أنجزيها له وإثمها عليّ‏.‏

قال يوسف‏:‏ وحدثني رجل من بني أمية يكنى أبا سعيد قال‏:‏ بلغني أن أم البنين أعتقت

لكلمتها هذه أربعين رقبة وكانت إذا ذكرتها بكت وقالت‏:‏ يا ليتني خرست ولم أتكلم بها‏.‏